الموتى المصريّون القدماء في المتحف البريطاني
لم يكن الموت في مصر القديمة عمليّة بسيطة ومباشرة بأيّ شكل، هذا ما يوضحه معرض «رحلة إلى العالم الآخر: كتاب الموتى عند المصريين القدماء» في المتحف البريطاني.
إذا أمعنّا النظر في المومياء الشهيرة عند المصريين، يبدو لنا أنّ العالم الآخر محفوف بالمخاطر. يشكّل «كتاب الموتى» (Book of the Dead) دليلاً ذاتياً على فترة ما بعد الوفاة ليتمكّن الميت من عبور المراحل الصعبة الأولى بأمان نحو الجنّة المصرية أو ما يُسمّى بـ{حقل القصب».
ليس هذا المعرض من النوع الذي يسمح لك بالاسترخاء والاستمتاع، فهو يوفّر مجالاً واسعاً لاكتساب المعارف، تماماً كما كان مجال الاستكشاف مفتوحاً أمام سكّان القبور في وادي الملوك. مثلاً، لا يمكن فهم الفن الإيطالي في عصر النهضة من دون التعرّف إلى الأساطير الإغريقية والرومانية وأحداث الكتاب المقدّس. بالطريقة نفسها، لا بدّ من فهم طبيعة مجموعة الآلهة (كان عدد كبير منها له رأس وحش)، فضلاً عن الطقوس والمعتقدات الغامضة لتقدير قيمة الخيال المصري.
جمال التصميم
يتميّز المعرض بجمال تصميمه، فالموقع عبارة عن مساحات شبيهة بالمتاهات داخل «غرفة القراءة» القديمة التي تعيد إحياء الغموض الذي كان يحيط بالهندسة الفرعونية، مع أني كنت لأقدّم عرضاً مماثلاً من دون المؤثرات الصوتية الخاصة بالخيال العلمي.
هذه العروض مستمدّة بدرجة كبيرة من المجموعة الخاصة بالمتحف البريطاني، وهي الأكبر عالمياً (نادراً ما تُعرض للعلن حرصاً على حفظها بمأمن عن أي مصدر خطر). وفقاً للدراسات التي تتناول الحضارة المصرية القديمة، تُعتبر كتب الموتى بحدّ ذاتها حديثة العهد نسبيّاً، فهي لم تظهر قبل القرن السابع عشر ق.م. ما يعني أنها تعود إلى عهد مملكة مصر الجديدة (في القرن السادس عشر ق.م. وحتى القرن الحادي عشر ق.م.)، أو في مرحلة لاحقة حين كانت الحضارة المصرية قائمة أصلاً منذ أكثر من ألف سنة.
صحيح أنّ الكتب (مصنوعة من لفائف ورق البردي) لم تُنتَج بكميات كبيرة، لكن صدرت كمية مهمة منها وحافظت على شهرتها، ولو بشكل متقطّع، طوال 1500 سنة، فصمدت منها آلاف النسخ، وهي تتمتّع بنوعية غريبة – نتيجة المناخ الحار والجاف الذي ساد مصر- وتبدو كأنها كُتبت منذ فترة وجيزة مع أنها تعود إلى 3500 سنة. تضمّ هذه الكتب المصوّرة تعويذات وأناشيد مدهشة تتوجّه إلى الآلهة لتجنّب المخاطر في العالم الآخر.
تكثر المخاطر والتعويذات المذكورة، ويمتدّ طول أبرز مثال حيّ على ذلك 37 متراً بعنوان «ورق البردي في مساحة زراعية» (The Greenfield Papyrus)، صُنع بين عامي 990 و969 ق.ب. وكان موجّهاً إلى نسيتانبيشيرو، ابنة الكاهن الأعلى. كذلك، نجد في المعرض نواميس وأشياء أخرى خاصّة بالتابوت المليء بالأغراض.
عالم مصر القديمة
توصّلتُ إلى فهم عالم مصر القديمة بشكل أفضل، مع الاعتراف بأنني بدأت من مستوى معرفة متدنٍّ نسبياً في هذا المجال. يبدو معظم الأمور غريباً في هذا العالم، لكنه في الوقت عينه مألوفاً على نحوٍ غريب بالنسبة إلى كلّ المتحدرين من خلفيّة يهوديّة ومسيحيّة. تعيد «الجنّة المصريّة»، نسخة مثالية عن مشهد وادي النيل، إحياء ذكرى جنّة عدن والحقول الفردوسية الإغريقية.
كان أصعب اختبار يواجهه الموتى المحاكمة التي يخضعون لها أمام 42 قاضياً إلهياً، ويتعيّن على الميت إثبات براءته من لائحة طويلة من الإساءات. ومن بين تلك الإساءات، كانت الملكة نودجميت مذنبة بلا أدنى شك بجرم القتل. من المدهش أيضاً أنّ المتحف يضمّ رسالة تعترف فيها الملكة بالذنب إلى جانب كتاب موتها.
عند هذه المرحلة، كان يقاس وزن القلب – باعتباره مركز
الوعي – في ميزان بكفّتين يشبه الميزان الذي يظهر في لوحات تمثّل «يوم الدينونة». وفي حال جاء الحكم سلبياً، يقع الميت ضحية «الملتهِم»، وهو كائن قبيح المظهر، له رأس تمساح وقوائم أسد وظهر وحيد القرن، لكن دائماً ما تُظهر كتب الموتى نجاح الشخص المعنيّ في الوصول إلى حقل القصب. بعض الأمور لا يتغيّر، إذ تميل الكتبيّات الذاتية إلى التركيز على الناحية الإيجابية.
• «رحلة إلى العالم الآخر: كتاب الموتى عند المصريين القدماء» متوافر في المتحف البريطاني في لندن اعتباراً من 6 مارس (آذار) 2011.
لم يكن الموت في مصر القديمة عمليّة بسيطة ومباشرة بأيّ شكل، هذا ما يوضحه معرض «رحلة إلى العالم الآخر: كتاب الموتى عند المصريين القدماء» في المتحف البريطاني.
إذا أمعنّا النظر في المومياء الشهيرة عند المصريين، يبدو لنا أنّ العالم الآخر محفوف بالمخاطر. يشكّل «كتاب الموتى» (Book of the Dead) دليلاً ذاتياً على فترة ما بعد الوفاة ليتمكّن الميت من عبور المراحل الصعبة الأولى بأمان نحو الجنّة المصرية أو ما يُسمّى بـ{حقل القصب».
ليس هذا المعرض من النوع الذي يسمح لك بالاسترخاء والاستمتاع، فهو يوفّر مجالاً واسعاً لاكتساب المعارف، تماماً كما كان مجال الاستكشاف مفتوحاً أمام سكّان القبور في وادي الملوك. مثلاً، لا يمكن فهم الفن الإيطالي في عصر النهضة من دون التعرّف إلى الأساطير الإغريقية والرومانية وأحداث الكتاب المقدّس. بالطريقة نفسها، لا بدّ من فهم طبيعة مجموعة الآلهة (كان عدد كبير منها له رأس وحش)، فضلاً عن الطقوس والمعتقدات الغامضة لتقدير قيمة الخيال المصري.
جمال التصميم
يتميّز المعرض بجمال تصميمه، فالموقع عبارة عن مساحات شبيهة بالمتاهات داخل «غرفة القراءة» القديمة التي تعيد إحياء الغموض الذي كان يحيط بالهندسة الفرعونية، مع أني كنت لأقدّم عرضاً مماثلاً من دون المؤثرات الصوتية الخاصة بالخيال العلمي.
هذه العروض مستمدّة بدرجة كبيرة من المجموعة الخاصة بالمتحف البريطاني، وهي الأكبر عالمياً (نادراً ما تُعرض للعلن حرصاً على حفظها بمأمن عن أي مصدر خطر). وفقاً للدراسات التي تتناول الحضارة المصرية القديمة، تُعتبر كتب الموتى بحدّ ذاتها حديثة العهد نسبيّاً، فهي لم تظهر قبل القرن السابع عشر ق.م. ما يعني أنها تعود إلى عهد مملكة مصر الجديدة (في القرن السادس عشر ق.م. وحتى القرن الحادي عشر ق.م.)، أو في مرحلة لاحقة حين كانت الحضارة المصرية قائمة أصلاً منذ أكثر من ألف سنة.
صحيح أنّ الكتب (مصنوعة من لفائف ورق البردي) لم تُنتَج بكميات كبيرة، لكن صدرت كمية مهمة منها وحافظت على شهرتها، ولو بشكل متقطّع، طوال 1500 سنة، فصمدت منها آلاف النسخ، وهي تتمتّع بنوعية غريبة – نتيجة المناخ الحار والجاف الذي ساد مصر- وتبدو كأنها كُتبت منذ فترة وجيزة مع أنها تعود إلى 3500 سنة. تضمّ هذه الكتب المصوّرة تعويذات وأناشيد مدهشة تتوجّه إلى الآلهة لتجنّب المخاطر في العالم الآخر.
تكثر المخاطر والتعويذات المذكورة، ويمتدّ طول أبرز مثال حيّ على ذلك 37 متراً بعنوان «ورق البردي في مساحة زراعية» (The Greenfield Papyrus)، صُنع بين عامي 990 و969 ق.ب. وكان موجّهاً إلى نسيتانبيشيرو، ابنة الكاهن الأعلى. كذلك، نجد في المعرض نواميس وأشياء أخرى خاصّة بالتابوت المليء بالأغراض.
عالم مصر القديمة
توصّلتُ إلى فهم عالم مصر القديمة بشكل أفضل، مع الاعتراف بأنني بدأت من مستوى معرفة متدنٍّ نسبياً في هذا المجال. يبدو معظم الأمور غريباً في هذا العالم، لكنه في الوقت عينه مألوفاً على نحوٍ غريب بالنسبة إلى كلّ المتحدرين من خلفيّة يهوديّة ومسيحيّة. تعيد «الجنّة المصريّة»، نسخة مثالية عن مشهد وادي النيل، إحياء ذكرى جنّة عدن والحقول الفردوسية الإغريقية.
كان أصعب اختبار يواجهه الموتى المحاكمة التي يخضعون لها أمام 42 قاضياً إلهياً، ويتعيّن على الميت إثبات براءته من لائحة طويلة من الإساءات. ومن بين تلك الإساءات، كانت الملكة نودجميت مذنبة بلا أدنى شك بجرم القتل. من المدهش أيضاً أنّ المتحف يضمّ رسالة تعترف فيها الملكة بالذنب إلى جانب كتاب موتها.
عند هذه المرحلة، كان يقاس وزن القلب – باعتباره مركز
الوعي – في ميزان بكفّتين يشبه الميزان الذي يظهر في لوحات تمثّل «يوم الدينونة». وفي حال جاء الحكم سلبياً، يقع الميت ضحية «الملتهِم»، وهو كائن قبيح المظهر، له رأس تمساح وقوائم أسد وظهر وحيد القرن، لكن دائماً ما تُظهر كتب الموتى نجاح الشخص المعنيّ في الوصول إلى حقل القصب. بعض الأمور لا يتغيّر، إذ تميل الكتبيّات الذاتية إلى التركيز على الناحية الإيجابية.
• «رحلة إلى العالم الآخر: كتاب الموتى عند المصريين القدماء» متوافر في المتحف البريطاني في لندن اعتباراً من 6 مارس (آذار) 2011.
السبت سبتمبر 29, 2012 8:22 pm من طرف Marwan__Elyapany
» مشكله
السبت سبتمبر 29, 2012 8:21 pm من طرف Marwan__Elyapany
» السعر اليومى لارنب التسمين فى محافظات مصر المختلفة
الجمعة سبتمبر 07, 2012 10:01 pm من طرف abdoali
» منتدى الارانب للناس www.araneblelnas.com
الجمعة مايو 18, 2012 7:21 am من طرف احمد الياسرجي
» وداعاً لإلتهاب العرقوب مع الفرشه الجديده ذات المواصفات العاليه
السبت يناير 28, 2012 6:17 am من طرف اشرف غيث
» كيفية انتقاء سلالات ارانب من انتاجك
الخميس سبتمبر 22, 2011 6:43 am من طرف Admin
» طلب شراء
الإثنين سبتمبر 12, 2011 8:11 pm من طرف عبدالخالق عبدالوهاب
» اسعار العلف
الإثنين سبتمبر 12, 2011 7:23 pm من طرف عبدالخالق عبدالوهاب
» مادة البيور 1 .2
الإثنين سبتمبر 12, 2011 1:46 am من طرف عبدالخالق عبدالوهاب